المقال الصحفي
المقـــال الصحفـــي
لغــة :
المقـال : هو القول ، و في الحديث الشريف إن لصاحب الحق مقالا و أفضلكم أحسنكم قضاء .
و مقـالة : المقالة هي القول ، قال عمر بن أبي ربيعة
فقالت :
اطلعت الكاشحين و من يطمع مقالة واش كاذب القول يندم
وهو بحث قصير في العلم أو الأدب أو السياسة أو الاجتماع ينشر في صحيفة أو مجلة .
و جاء في قاموس Littre في تعريف كلمة مقال Essai أنه تأليف يعالج فيه الكاتب موضوعا دون أن يزعم أنه سيدلي فيه برأي قاطع ( عن كتاب فن المقال الصحفي للدكتور عبد العزيز شرف ص 20 )
المقـــال الصحفـــي في الثقـافـة الإعلاميــة الغربيـــة
1. " مادة صحفية فكرية يمضيها أحد الصحافيين ذوي المكانة في الجريدة ، و تنشر في مكان هام من صفحاتها لهجتها تقترب من لهجة الإفتتاحية لكن تختلف عنها في كونها لا تعبر بالضرورة عن الموقف الجماعي للجريدة التي نشرتها " .
2. وجاء في دائرة المعارف البريطانية نقرأ أن المقالة عبارة عن قطعة مؤلفة متوسطة الطول و تكون عادة منشورة في اسلوب يمتاز بالسهولة و الاستقرار ، و تعالج موضوعا من الموضوعات و لكنها تعالجه على وجه الخصوص من ناحية تاثر الكاتب به .
3. يقول هـ.و بروندج HW Brundige محرر جريدة لونس انجيلوس تريبيونLeas Angleles Tribune أن المقال الصحفي في مفهومه الأوسع هو تفسير الأحداث من منظور مبادئ بعينها أو سياسات معتمدة و مقررة من قبل الجريدة التي تنشرها .
4. " المقال الصحفي هو الأداة الصحفية التي تعبر بشكل مباشر عن سياسة الصحيفة ، و عن أراء بعض كتابها في الأحداث اليومية الجارية و في القضايا التي تشغل الرأي العام المحلي أو الدولي ، و يقوم المقال الصحفي بهذه الوظيفة من خلال شرح و تفسير الأحداث الجارية و التعليق عليها بما يكشف عن أبعادها و دلالتها المختلفة " .
5. " المقال الصحفي (LEADER) و هومقال فكري يمضيه أحد الصحافيين المتمرسين ، و يحتل مكانة مرموقة في الصحيفة ، تقترب لهجته من لهجة الافتتاحية ، لكن خلافا لهذا الأخير ، لا يعبر بالضرورة عن الموقف الجماعي الصادر عن الصحيفة التي تنشره"
المقــال الصحفـي في الثقافــة الإعلاميــة العربيــة
1. " المقال الصحفي هو نوع فكري يتشكل الأحداث و الظواهر و التطورات الراهنة ، موضوعه يتميز بمعالجة هذه الموضوعات العامة و الآنية بقدر كبير من الشمولية و العمق مستخدما أسلوب العرض و التحليل و التقييم و الإستنتاج ، هادفا إلى تقديم رؤية نظرية إيديولوجية معمقة لهذه الأحداث و الظواهر و التطورات و ربطها بعضها البعض و بمجمل التطور المادي و الفكري الحاصل في المجتمع " .
2. " المقال هو عادة مجرد عرض أو تحليل لفكرة معينة يتلقفها الكاتب من بيئه فيعبر عنها بأسلوب سهل قريب إلى الأذهان ، دون حاجة إلى تمحيص و عمق ، بل يوشك المقال أن يكون حديثا عاديا سلسا مختصرا بين الكاتب و قرائه ، يشترط فيه الإبتكار و التجديد و السرعة " .
3. ليس المقال بحث علميا أو فصلا من فصول كتاب أدبي أو علمي و لا قصة و لا محاضرة من المحاضرات المنظمة و لا دراسة مرتبة ترتيبا منطقيا ، و إنما المقال فكرة يتلقفها الكاتب من البيئة المحيطة به ،و يتأثر بها . و في هذا الجو الوجداني يعبر الكاتب عن الفكرة بطريقة ما .
4. المقال الصحفي ، يهدف أساسا إلى التعبير عن أمور إجتماعية و أفكار عملية ، بغية نقدها أو تحبيذها ، و هو على كل حال يرمي إلى التعبير الواضح عن فكرة بعينها .
خصائـص المقـال الصحفــي :
- مادة صحفية فكرية لا تعبر عن موقف كل الصحفيين ، و لا عن خط سياسي للجريدة دوما لذلك تكتب بعض الجرائد هذه المقولة( إن الآراء الواردة في هذه الصحيفة لا تعبر بالضرورة عن أراء الجريدة ).
- يعبر المقال الصحفي في أغلب الحالات عن مواقف
- يفسر الظواهر و الأحداث و القضايا و يحللها و يشرحها و يكشف عن خلفياتها ، و يطرح الحلول في بعضها .
- يكتبه صحفي متمرس و ذا تجربة محترمة يحددها بعض المهنيين بخمسة سنوات عمل في فن التحرير اليومي ( الخبر ، التقرير ) و التعليق ، حتى يكتب المقال . و هناك من يرى أكثر من ذلك . و هناك المقالات الصحفية التي يكتبها متخصصون في مجال معين تتفق معهم الجريدة بشكل مؤقت أو دائم .
- يقترب المقال الصحفي إلى المنهج العلمي . لأنه يقوم على طرح إشكالية في بعض الحالات و يعالج تعدد أرائها .
- يتغذى المقال الصحفي من المعلومات و الآراء و الإستشهادات و تطور الأحداث ، حتى في بعدها التاريخي .
- يكون أسلوب المقال عميق و قومي بعيدا عن الأساليب و التراكيب اللغوية الاستهلاكية و المتداولة .
و يؤدي المقال الصحفي جملة من الوظائف يحددها البعض في :
1. الإمتاع و المؤانسة و ذلك بالتطرق إلى الموضوعات الغريبة و الطريفة و العجيبة فيصبح تأثيرها قائم على التمتع . سواء في جوانبه الفكرية أو الفكاهة أو المؤانسة أو الإثارة العاطفية ، حتى لا يصبح المقال مجرد نص فكري مجرد و فقط .
2. لجعل الخبر مقدس و الرأي حر . حتى يصبح بالإمكان حذف الرأي من الأخبار.
3. تفسير و شرح الأبعاد الدلالية و الخفية في الأخبار ذات الأهمية .
4. أن يقدم تصورات تنظريه يستفاد منها كمرجعيات في فهم القضايا و الظواهر و الأحداث الغامضة .
أنـواع المقــال الصحفــي :
1. المقـال التحليلـي : " يتجه المقال الصحفي التحليلي إلى الاهتمام بالمنهج و الحرص على الدقة و توخي النصاعة الذهنية " . و تأسسيا لهذا الفهم فإننا نرى أن المنطق هو صميم المقال التحليلي تأسسيا على أن التحرير بفنونه المختلفة يتلخص في معادلة فحواها أن التحرير ( تفكير + تعبير ) ... و التحليل فيه عملية ذهنية نطلع بها حين نحاول توضيح التصورات و العبارات. سواء في مضمار العلم أو في مضمار الفلسفة أو في مضمار الحس المشترك من أجل العمل على إزالة ما فيها من مظاهر الغموض و الالتباس و هذا من خلال التحليل العميق و المدروس للأحداث بالرجوع إلى أصولها و إلى أشكال تطورها .
2. المقـال النقـدي : " النقد تقويم ذاك أن النقد تعبير عن الرأي من جانب الناقد و لكن ليس النقد حربا شرسة و لكن مهمته الأساسية هو أن يوحى و أن يشجع و ينير السبيل و يقدم الإقتراحات و الحلول إن أمكن في بعض الحالات . لأن غرس مجموعة من القناعات و الأفكار في ذهن ( الجمهور ) يمر عبر نقد وضعية معينة و الدعوة إلى الإلتزام بغيرها . ذاك أن كاتب المقال النقدي يجب أن يكون متخصصا في مجاله و كما قال " ماثيوا رنولد " له القدرة على رؤية الأمر كما هو الحقيقة .
في العموم تسمى المقالات التقيمية إلى رصيد تطور الأحداث و الظواهر و الوقائع لتبين الوضع الذي آلت إليه ، و تحاول أن تستجلي آفاق تطور القضايا أو ما أصبح يعرف بالمستقبليات أي قراءة المستقبل على ضوء مجموعة من الإحتمالات الممكنة . و لا يمكن هذا النوع من المقالات القارئ ( الجمهور ) من الحصول على العديد من المعلومات و المعطيات المتعلقة بالوضع المذكور و من المشاركة في التفكير في مستقبله خاصة و أن هذا النوع من المقالات يكون مكسو بالمعطيات و المعلومات و معزز بالتوقعات الأمر الذي يعطيها المصداقية و التمايز .
كيـف نحـرر المقـال الصحفــي ؟
تحرير المقال الصحفي بأنواعه قائم على خطة منهجية . تشكل الأسئلة مادته الخامة في وضع أرضياته و صلب مناقشة موضوعه و ذلك بالإجابة على الأسئلة التالية :
مـاذا سأكتـب ؟ بمعنى عن أي موضوع سأكتب . و هنا الصحفي يقدر مع هيئة التحرير أي المواضع أنسب فالأحداث و القضايا كثيرة و لا تكاد تتوقف . و هنا أريد التوقف عند نقطة ذات أهمية فعلى الصحفي أن يختار ماذا سيكتب . و ذلك من خلال أن يكون قوة اقتراح للمواضيع التي يعتقد أنها تناسبه و تتقاطع فكريا معه على الأقل في جوهرها .
بماذا سأغـذي موضوعـي ؟ حيث يشكل تطعيم المقال نقطة جوهرية فلا يمكن تصور مناقشة موضوع فكري دون العودة و البحث عن الشواهد و الأدلة و الحجج و البيانات و الإقتباسات و المواقف و الآراء . التي من شأنه أن تجعل المقال يمتاز بالحيوية و الحركية . و هنا على الصحفي أن يدون هذه النقاط في مخطط اولي مبرزا تعدد الآراء في الموقف الواحد و حجج كل رأي أو قضية . مستعينا بالإستمالات العاطفية و العقلية و توظيف المشاعر . و إن يختار متى يتم توظيفها ؟
و في العادة يحرر المقال بطريقة الهرم المعتدل حيث تأتي المقدمة كمدخل أولى للقضية أو الفكرة المعالجة ، حيث مهمتها فتح الشهية للقارئ للمتابعة . و في الجسم يتم عرض الآراء و تحليلها و تفسيرها و الإشارة إلى نقيضها من خلال المجادلة و طرح الأسئلة و الطعن في الأطروحات . أما الخاتمة فهي هدف الكاتب بمعنى ماذا أريد أن أقول ... ؟ و إلى ماذا أدعوا ؟ و تستهدف التوجيه لغرس قناعة ما .
تعليقات
إرسال تعليق