انتفاضة الفقراء ما بين العراق و تونس الخضراء
عقود من الزمن ونحن نعاني من صعوبة التنفس الى حد الاختناق أذ حتى الرياح افسدها الطغاة في اوطاننا العربية ناهيك عن انهم قتلوا فينا كل شيء جميل جعلونا دمى تحركها خيوطهم الخبيثة متى شاءوا وكيف يشاؤوا , جعلوا النور ظلام والخضار تصحر ولبسوا الحق بالباطل وسنوا الدساتير والقوانيين على هواهم وهوى المقربين منهم دفنونا في الحياة , صادروا كلماتنا وافراحنا وحرياتنا وكافة حقوقنا دفعونا للهجرة والضياع في الشتات ولم يرف لهم طرف جفن . أجبرونا على ان نكون عبيدا لهم فاقدين الاحاسيس والكرامة . استغفلونا بديمقراطياتهم المزيفة و استفتاءاتهم البائسة النتائج بمعدلاتها المعروفة سلفا 99,99 % وبتزييفهم للحقائق وهي من شيمهم , عملوا و يعملون من اجل وأد شعوبهم ودفنهم احياء من دون ذنبا يذكر . وبكل وقاحة وعنجهية جعلونا في دوامة ليس لها قرار تارة بأسم الدين وتارة بأسم الوطن وتارة بأسم المعتقد حتى نسينا من نكون والى اي فصيل ننتمي . هل نحن فعلا بشر مخيرين ام بهائم مسيرين أدلجونا بقوة السلاح لصالح احزابهم الشوفونية و سيرونا على هواهم نردد مايقولن ونعمل ما يأمرون لانهم اخلوا الساحة من المثقفين والمعارضين والمنافسين وضربوا العامة بيد من حديد يحرقوننا يوميا بأفعالهم النكراء و يدفعونا في اغلب الاحيان الى أن نحرق أنفسنا بأيادينا خوفا وجورا من بطشهم و هم ينعمون بخيرات البلاد ويتسلون بهموم العباد ويثبتون اقدامهم ومخططاتهم المشبوهة بقوة السماء التى هم انفسهم لم يعترفوا بها , ولكن هذه المرة وبالذات من تونس الخضراء جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن .
في يوم ليس له شبيه في تاريخ الشعوب العربية الحديث قام محمد بو عزيزي بعد ان عاش ثلاثة وعشرين عاما من عمرة الست والعشرين تحت حكم الطاغية زين العابدين بن علي لم ير في حياته غير ظلمه وقسوته ليكون الشاهد الحقيقي على عصره , بحرق نفسه 17.12.2010 احتجاجا على الفقر والكرامة المسلوبة من قبل رجالات الطاغية التونسية ليعلن اول صرخة عربية لم تعرفها ولم تتذوقها شعوب المنطقة المحرومة منذ عقود ليعلن من خلالها نهاية طاغية و ليفتح الباب على مصراعيه ليكشف زيف ودجل وفساد الحكومات العربية الشمولية ذات الحزب الواحد والانظمة العشائرية المتوارثة والمسيطرة على ثروات البلاد والعباد تنهب وتسلب وترمي الفتات لشعوبها ويفترض بنا ان نشكرهم لأننا من رعاياهم الموروثة في العبودية القسرية .
محمد بو عزيزي شاب ومعيل لعائلة من ثمان اشخاص بينهم معاقا فضل ان لا يسرق ولا ينهب و لا يتسول كما هو شائع اليوم بين صفوف القادة والساسة في الوطن العربي بل اقترض المال لشراء عربة لبيع الخضار ليسد فيها رمقه و رمق عائلته من ضراوة الجوع والموت البطيء وبدل ان تمد له الحكومة يد المساعدة والدعم الاجتماعي والضمان الصحي وينعم بحرية العمل والسكن كما نص عليها الدستور الا انهم مدوا له يد الضرب و السب والبساق والطرد والاهانة والمصادرة للعربة وما عليها وبدون وجهة حق .العربة التى اصبحت فيما بعد رمزا لحرية الشعب التونسي لا تضاهيها بالمعنى والرمزية مصفحات الطغاة المتحصنيين بها عن شعوبهم , الامر الذي دفعه ان ينتقم لنفسه ومن على شاكلته من الفقراء وهم الاغلب في عالمنا العربي حرق نفسه وهذا اضعف الايمان واعلى درجات التضحية لانهم اغلقوا كل ابواب الرحمة في وجهه وحسب ما اعلن لم يكتف زين العابدين بن علي بظلمه لهذا الشاب وضياع عمره أنما أمر أزلامه بقتله بعد ان زاره في المستشفى ليسدل الستار وكعادته على أي جريمة يقوم بها , بل و الاكثر من هذا وذاك استكثر على الشهيد حتى صلاة الميت فأمر جلاوزته بإعلان فتاويهم وتجريمه حتى بعد موته !!
يا لمهزلة القدر أ لهذا الحد يستهزؤون بنا ويستخفون بعقولنا ويسخروا من شعوبنا فسخروا الدين والقانون لخدمتهم وخدمت عوائلهم وغيروا التاريخ وشوهوا الحقائق لينتقموا منا شر انتقام ولا يوجد من يحاسبهم او يقف بوجوههم لانهم افاعي مسمومة لا يعرفون الا بث السموم . لم يكن بحسبان زين العابدين بن على أو بالأحرى (شين العابدين ) انه على يد محمد بو عزيزي الفقير المقهور المحروق سينتهي الى مزبلة التاريخ . وبزمن قياسي لم يصدقه احد هرب الطاغية بتاريخ 16 .01 .2011 ليعلن انهزامه امام الشعب الجريح ولكن المفارقة الكبرى احتضن الشعب التونسي و معها كل شعوب العالم محمد بو عزيزي ليصبح رمز التحرر والحرية واغلى سطرا في التاريخ الحديت الا وهو السطر الذهبي اشترى حرية شعبه بروحه واهداها لكل شعوب الوطن العربي على ان يقفوا بوجهه طغاتهم وسجانيهم .
وبالمقابل رفضوا زين العابدين بن علي لتلتقفه ايادي اكثر اجرامنا وقهرا لشعبها منه كي يكون جوكرها الجديد في محاربة ارادة الشعوب , وتحولت عربة محمد لبيع الخضار الى تاريخ حافل ضد الطغاة لا تقل سحرا عن سحر عصى موسى لتلهب وتلهم المشاعر و الحناجر المكبوتة وتنفض غبار الخوف من القلوب في كل شوارع الوطن العربي . وعلى اثر هذا التغير المفاجئ شاهدنا كيف اهتزت العروش المحصنة والكروش المنتفخة لتعلن حكومات اكثر من بلد عربي تخفيض الاسعار للمواد الاستهلاكية وتوزيع الاموال بعد ان رافقتها المظاهرات العفوية تطالب بالتغير .
لا احد ينكر ان الحكومات العربية مارست وتمارس اقصى انواع التعذيب وكبت الحريات وتسليط السيوف على الرقاب فلذلك لم ترحب بهذا التغير الذي جرى في تونس الخضراء فأبت أن تعلن تأيدها لشعب تونس ولم تحترم ارادته لا بالعكس احتضنت قاتل الشعب كي تستعمله ورقة للضغط على الشعب التونسي ناسية او متناسية ان الطغاة ورقة محروقة اصلا لا تضر ولا تنفع من يساندها ولهم في شاه ايران قدوة حسنة وكيف قضى نحبه في المنفى وصدام حسين بعد هروبه وسحبه من الحفرة علق على مشنقة الحق الشعبي غير مأسوفا عليه .
الانتفاضة التونسية والحمد لله لم تحسب على جهة معينة لا اسلامية ولا مرتزقة ولا حزبية ولا قومية ولا علمانية ولا حتى قوة اجنبية او أي احتلال انها ارادة شعبا بالكامل . فهل يا ترى ارادة الشعوب لا تستحق التقدير والاحترام ؟ .
يقال اننا خير امة اخرجت للناس ! كيف ؟ وحكامنا تأمر بالمنكر وتنهي عن المعرف وبمسميات وقوانين ما انزل الله بها من سلطان تتعامل مع الاجنبي وتفتح له الاحضان ومكشوفة امامه حتى العري وتتهم الشعوب بالجاسوسية وتقطع الرقاب استنادا الى ذلك , تقرع الخمر وتستبيح الحرمات وتقتل الابرياء على الشبهات وتسلط السيوف على الرقاب بحجة الامر بالمعروف الذي لا تعرفه اصلا وكأن الشعوب خراف رقابهم جاهزة للجزر في سلخاناتهم المعدة بأحدث التجهيزات والابتكارات لسلخ العقول والاجساد على حد سواء ناهيك عن فتاوى التكفير والقتل والارهاب من قبل رجال الدين المأجورين . الم يحن الوقت لنقتص من كل ظالم وسفاح ام نبقى تحت رحمة قصاصهم وتجويعهم لنا حتى اصبحنا لا نشبه البشر .
عصرنا اليوم عصر الالكترونيات عصر الاعلام والشبكة العنكبوتية والكلمة الحرة التى تصل الى ابعد نقطة في الكون والتي من خلاله سنكشف للعالم الانساني جرائمهم وخزيهم و جبنهم رغم قصوركم المحصنة بطوابير الجيش والشرطة والمخابرات وما الى ذلك .
ما اشبه نهايات الطغاة انها النهايات الحتمية المتوقعة هروب وجبن وسرقة اموال الشعوب الفقيرة .
عندما غادرت العراق زوجة المقبور صدام حسين خوفا من الشعب العراقي الذي سرقته أكثر من ثلاثة وعشرين عاما , خرجت وفي جعبتها اطنانا من الذهب والدولارات المسروقة من بنوك العراق ناهيك عن أزلامه الذين سرقوا العراق ونهبوا ثرواته وتاريخه ضنا منهم انهم انتصروا عليه ناهيك عن تفجيراتهم المستمرة التى لا تزال تطال الابرياء .
ها هي زوجة زين العابدين بن على سيدة تونس الاولى بعد ان سرقت الشعب التونسي 23 عاما لم يهدئ لها بال عند مغادرة البلاد الا بسرقة طنا ونصف الطن من الذهب وحملت الاموال التي لا تعد ولا تحصى من ثروة الشعب التونسي الجائع أما ازلامه ففعلوا كما فعل ازلام المقبور حرقوا ونهبوا ودمروا كل ما طالته اياديهم . وخوفي ان تتحول تونس الى ساحة لتصفية الحسابات كما حدث في العراق من قبل ازلام النظام المخلوع ناهيك عن الانظمة الشمولية المحيطة بهم والذين لا يروق لهم ان يروا شعبا مرتاحا ينعم بالحياة .
فالعراق لا زال يعاني من الارهاب الذي طال الابرياء و ذنبه انه رفض الدكتاتور وضحى من اجل ان يتنفس رياح الحرية رياح العنبر العراقية . ولكن رغم ما تسعى الية القوة الظالمة سينجو العراق وستزدهر تونس وستتنفس نسمات ياسمينها كل الشعوب المظلومة وعلى الشعبين ان ينتبهوا وان لا يسمحوا هذه المرة لأضاعه فرصة التحرير او تحوير مسارها فالمتربصون لافشال التجربتين اكثر من الهم على القلب وها هم دخلوا بأسماء ومسميات لا تختلف عن السابق بكثير لكونها مجرد تلاعب بالألفاظ .
اكيد سيقول قائل ما اشبه هذه بتلك ! دعوني اذن اطرح وجهة نظري :
اولا -ان صدام المقبور استولى على رئاسة الحكومة العراقية بعد ان عزل البكر لأسباب صحية كما ادعى ومن ثم قتله , وزين العابدين بن على عمل نفس الشيئ عزل بورقيبة لأسباب صحية كما ادعى ثم تخلص منه وهذا يعني ان كلاهما لديه شخصية غير سوية , متمرسان بالأجرام والتزوير وتضليل الشعوب .
ثانيا- طاغية العراق كان اعتى دكتاتور في العالم ذبح وقتل واحرق وادخل البلاد في اكثر من حرب لا داعي لها راح ضحيتها ملايين الشباب سفاح لا يعلى عليه حكم العراق بالنار والحديد لمدة 23 عاما .
اما دكتاتور تونس ولمدة 23 عاما هو الاخرى لا يقل قسوة وظلما وحكم بالحديد والنار ولكنه أكثر غباء من دكتاتور العراق لأنه نفذ بجلده ليقع بيد من سيريه ان الله شديد العقاب لانهم يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف !!!.
ثالثا -اشاع كل من صدام وبن علي الفساد والظلم في البلدين على حد سواء لانهما اختصرا البلدين لأنفسهما وعوائلهما واقربائهما وحرموا الشعبين من ابسط الحقوق الانسانية .
رابعا-دكتاتور العراق حمى نفسه بأكثر من خمس خطوط أولها الجيش العقائدي والشرطة والمخابرات والاستخبارات والامن الخاصة والعامة وغيرها و بنفس الاسلوب وان اختلفت المسميات حمى بن على نفسه ألا ان الجيش وحسب ما تناقلته الانباء بقى بعيد عن التسيس ولو الى حد ما الامر الذي ضرب الجيش العراقي شعبه و بكل قسوة ولأكثر من مناسبة بينما رفض القائد للجيش التونسي الرشيد وهو رشيدا فعلا أن يضرب الشعب التونسي وهذه نقطة تحسب له بعكس الجيش العراقي حسبت ضده .
خامسا -كان المقبور صدام قد فرض طوقا من الحصار الاعلامي على الشعب العراقي وسعى لتجهيله وادلجته في وقت لم تصل الثورة الاعلامية الى ما وصلت اليه اليوم اي كان الاتصال مقطوعا اعلاميا بين العراقيين انفسهم والعالم الخارجي الامر التى اجهضت انتفاضة العراق عام 1990 وبكل قسوة واعطى العراق اكثر من 300 الف شهيد وملايين المتشردين و اكثر من 400 مقبرة جماعية والحبل على الجرار واستمرت التصفيات حتى عام 2003 يوم سقوط الطاغية اي ثلاثة عشر عاما والشعب العراقي يقدم خيرة شبابه لتذبح بيد جلاد العراق . اما انتفاضة تونس وبمساعدة الثورة الاعلامية والالكترونية اعطت 76 شهيدا وانتهت خلال اربعة ايام . وهذا يعني ان نضال الشعب العراقي وتحمله وصبره اقوى واعمق مما تتصوره البشرية ولكنه لم يسقط الدكتاتور . فالعالم كان مغيبا عن احداث العراق ولا يعرف ماذا جرى في العراق لعدم وجود الاعلام الحقيقي المساند لهذه الانتفاضة او الناقل لما حدث وغياب الاعلام الالكتروني لان المقبور حرم العراق منه , بعكس الانتفاضة التونسية كنا نتابعها على الهواء مباشرة رغم الحصار الاعلامي ولكن حل محله الاعلام الالكتروني الاعلام المواطناتي وادواته المتداولة بين الجميع والمواقع الجماهيرية كاليوتب والفيسبوك والمدونات الالكترونية وتوتير و غيرها .
أما عندما دخلت القوات الامريكية العراق عام 2003 رغم تحفظ الشعب العراقي على دخولها وعدم الوثوق بها استنادا لتجربتهم السابقة معها لأنها ساعدت الطاغية في اجهاض الانتفاضة وسمحت له استعمال الطائرات المحضورة آنذاك والتي بها ضرب الارض والحرث والمقدسات والناس الامنة بدون وجهة حق , الا انه يحسب لها القضاء على الطاغية بالرغم من تحفظنا على مصالها الخاصة بهذه العملية . المهم اسقاط طاغية العراق كان الهدف وهو الشرارة الاولى في التخلص من الطغاة فاهتزت عروشهم ونفشوا ريشهم وكشروا عن انيابهم وها هو العراق لا يزال يعاني من افعالهم المخجلة في تصدير الارهاب والدمار له . ولولا سقوط صدام لما كان هروب بن على وسنشهد في القريب العاجل ربما هروب ملوك وامراء وسقوط دكتاتوريات اخر . أذن الشعب العراقي كان ولا يزال يناضل ضد الظلم والدكتاتوريات وسيشهد له التاريخ شئنا ام ابينا بأنه وقف ويقف بوجهه الطغاة وهذه لتذكير ساسة العراق . ومن هنا يتضح لنا ان الشعب العراقي شعبا حيا لا يقل عن الشعب التونسي في مقارعته للدكتاتور دون عونا او مساعدة وعانا ما عاناه من الظلم والتهميش والتهجير فالصرخة واحدة صرخة الالم من الظلم والابادة الجماعية وكما شاهدنا وسمعنا صرخة (ابو تحسين ) شاهدنا وسمعنا صرخة الشاب التونسي كرمز للشعبين ضد القهر وساترك لكم الروابط المرفقةفي نهاية المقال لكي تروا بأنفسكم .
فيا شعب تونس الحبيب نحن معك قلبا وقالبا لأننا عانينا ما عانيتموه و ندعو مخلصين ان يبعدكم القدير عن الارهاب وتدخل الجوار وتصفية الحسابات والاجندات الخارجية فيا شعب تونس وحدوا صفوفكم وأثبتوا على كلمة واحدة لا لعودة الماضي بمسميات جديدة وانتبهوا قبل فوات الاوان .
أما شعوبنا العربية عليها ان تعرف مع اي دكتاتور تتعامل وكيف تحاربه وتسقطه لانهم كثر ومختلفين في اساليب القهر و درجاته ومتمسكين بكراسيهم الى ابعد الحدود ناهيك عن مودة التوريث التي ابتلونا بها . فكل بلد له ظروفه وطريقته الخاصة للتخلص من طواغيته . فصدام لم يتخلص منه الشعب العراقي الا بالاحتلال وابن على لم يسقط الا بحرق محمد بو عزيزي نفسه ولكن عندما تكرر نفس الاسلوب في كل من الجزائر والتي فيها 5 اشخاص احرقوا انفسهم و واحد في مصر واخر في مورتا نينا وسورية كانت النتائج سلبية و لم تعطي نفس مفعول ما حدث في تونس ولم تسمع اصواتهم حتى ولم تتجاوب شعوبهم معهم ولم يسقطوا دكتاتوريا واحدا , وهذا يعني أن لكل دكتاتور طريقة ما واسلوب معين وظرف خاص في التخلص منه وعلينا ان نعرف السبل المناسبة للتخلص منهم وبإرادة شعبية خالصة . أكاد أن اجزم ان لكل طاغية يوما ما بطريقة ما وردود افعال شعبية مختلفة لم يكتشفها العالم بعد ولكنها اقرب مما نتوقع والحر تكفيه الاشارة .
أ.د.أقبال المؤمن
http://www.youtube.com/watch?v=m6MX5pLamFk
http://www.youtube.com/watch?v=pAMIqimvRQY&feature=list_related&playnext=1&list=SPF0681FB5BE193D9B
تعليقات
إرسال تعليق