واشنطن تعتقد ان ايران وراء استقالة عبد المهدي وعبد المهدي ينتقم من المالكي مرتين!!

دخلت واشنطن على الخط في محاولة لتسوية الخلافات، من خلال مسك العصا من الوسط، وطالبت بتنفيذ بنود اتفاق اربيل بما يضمن تنفيذ مطالب العراقية، شرط المحافظة على حكومة المالكي.
ودعا السفير الأميركي في بغداد جيمس جفري القادة العراقيين الى "انهاء خلافاتهم وتفعيل الحكومة الحالية، أفضل من انشاء حكومة جديدة". وأكد جيفري في حديث الى عدد من وسائل الاعلام ان "اميركا ترى ان حكومة شراكة واسعة هي السيناريو الافضل للعراق، وهي موجودة حالياً وفيها اعضاء من كل الكتل السياسية"، داعياً ان "يركز الجميع على تفعيل الحكومة الموجودة حالياً".
وبحسب مصادر سياسية رفيعة المستوى، فأن "واشنطن تخشى حكومة جديدة يلعب فيها تيار الصدر دوراً اوسع من دوره حالياً". وتؤكد المصادر ان "واشنطن تعتقد ان ايران هي من دفع عبد المهدي الى الاستقالة ليكون بديلاً للمالكي".
وعادل عبد المهدي هو نائب رئيس الجمهورية وقيادي في المجلس الاعلى الاسلامي قدم استقالته مطلع الاسبوع الجاري بسبب "عدم وجود نظام داخلي ينظم عمل نواب الرئيس الثلاثة"، على ما جاء في استقالته.
وأشارت المصادر الى ان "المجلس الاعلى يتفق مع الصدريين في عدم التمديد للقوات الاميركية، وعبد المهدي سينفذ شروط الصدريين وايران اذا وصل الى رئاسة الوزراء، لذلك فان واشنطن تريد انهاء الخلافات بين علاوي والمالكي وتشكيل حكومة شراكة يكون للعراقية دور كبير ومؤثر فيها لضمان التمديد لقواتها ولتخفيف ضغوط ايران والصدريين على المالكي"
من جهة اخرى، قالت مصادر مقربة من د. عادل عبد المهدي، من داخل المجلس الأعلى الإسلامي الذي يعتبر عبد المهدي أحد أبرز قياداته من الخط المدني، إن عبد المهدي قرر تقديم الإستقالة إستجابة لطلب مراجع الدين في النجف.
وكانت هذه القضية قد برزت على إثر الجدل الذي أثير بسبب إصرار وزير التربية السابق خضير الخزاعي (حزب الدعوة ـ تنظيم العراق) بأن يكون نائباً ثالثاً لرئيس الجمهورية.
وفي الوقت الذي أعلنت فيه المرجعية الدينية رأيها بوضوح بأنها ضد إستحداث مناصب جديدة يمكن أن ترهق ميزانية الدولة ولاتتضمن منفعة للناس فإن دولة القانون التي يتزعمها نوري المالكي "رئيس الوزراء" أصرت على أن يبقى الخزاعي مرشحها للمنصب المذكور برغم معرفتها أن هذا الأمر يقف بالضد من إرادة المرجعية.
وبحسب مصادر التحالف الوطني، فان السبب الرئيس الذي يكمن وراء ذلك هو أن المناصب الوزارية داخل دولة القانون تم تقسيمها بين مكونات الكتلة ما عدا حزب الدعوة ـ تنظيم العراق الذي يملك 12 مقعداً داخل دولة القانون بحيث إعطي منصب نائب الرئيس. وفي حال عدم حصوله على هذا المنصب فإن آلية توزيع المناصب ستتغير وهو أمر يمكن أن يتسبب بمشكلة كبيرة داخل كتلة المالكي، وهكذا مضت الأمور بالتوافق وتم إنتخاب النواب الثلاثة لرئيس الجمهورية "سلة واحدة".
وبحسب مصادر نجفية مطلعة، فأن مراجع الدين وفي مقدمتهم المرجع الأعلى السيد السيستاني غاضبون جداً مما اعتبروه تسوية سياسية غير مقبولة لأنها تخدم الكتل وزعاماتها ولاتخدم الناس في شئ. المصادر قالت ان السيد السيستاني من جانبه قرر تمديد عدم استقباله لأي مسؤول عراقي كبير بينما كف كبار المسؤولين العراقيين عبر تصريحاتهم وخطبهم عن القول إنهم يعملون بهدي من المرجعية أو أنهم ملتزمون بخطها.
وبالعودة الى الوراء، وتحديداً الى مفاوضات تشكيل الحكومة، فقد كان عادل عبد المهدي أحد المرشحين الأربعة لمنصب رئيس الوزراء، أما الثلاثة الآخرون فكانوا نوري المالكي وإياد علاوي وإبراهيم الجعفري. ولكنه وبالرغم من كل التحولات السياسية فإن الرياح سارت بما لاتشتهي سفن علاوي وعبد المهدي والجعفري. أما الجعفري فقد قبل بمنصب رئيس التحالف بعد أن تخلى الصدريون عن دعمه بينما هو لايملك سوى مقعد واحد في البرلمان.
اما علاوي الذي يملك المقاعد الأكثر في البرلمان "91 مقعدا" فإن الإصطفافات الطائفية حالت دون منح قائمته العراقية، بوصفها ممثلة للمكون السني، منصباً يعتبر إحتكاراً شيعياً حتى بعد أن أراد السنة الإلتفاف على هذا المنصب بإختيار شخصية شيعية له. أما عادل عبد المهدي فإن موقف الصدر السلبي منه والموقف الايراني المراوغ وقلة مقاعد المجلس الأعلى الإسلامي "17 مقعداً" نصفها لمنظمة بدر التي أصطفت بقيادة هادي العامري (وزير النقل الحالي) مع المالكي حالت دون حصوله على منصب رئاسة الوزراء.
إذن لم يعد أمام عبد المهدي الآن سوى وضع الجميع أمام أزمة خانقة، وطبقاً للمعلومات أيضاً فإن المجلس الأعلى بزعامة عمار الحكيم وفي محاولة منه لاستعادة نفوذه، لاسيما بعد ان اظهر استطلاع الرأي الذي قام به المعهد الديمقراطي الاميركي (NDI) من صعود كبير لنجم زعيمه الشاب عمار الحكيم، قرر أن يبدأ خطوات جادة لاستعادة هذا النفوذ وأول هذه الخطوات إعلان المجلس بشخص واحد من أبرز قيادييه تخليه عن منصب النائب الأول لرئيس الجمهورية لا لشئ الا لأن مراجع الدين انزعجوا من قضية إستحداث مناصب لا طائل منها وليس فيها ما ينفع الناس.
ويرى مراقبون ان موقف المجلس الأعلى وعبد المهدي سيكون له شأنه أمام المراجع الكبار وأمام الشارع الشيعي برمته، وبذلك فإن هذه الخطوة تعد الأولى نحو استعادة المجلس لنفوذه في الوسط الشيعي بوصفه ممثلا حقيقياً لما تقوله المرجعية بعكس الآخرين الذين تحدوا المرجعية بـ "صلافة" ومضوا بعيداً في إتجاه العمل على تكريس مبدأ "السلة الواحدة" المرفوض لا لشئ الإ لكونهم يريدون أن يحلوا مشاكلهم داخل الكتلة بصرف النظر عما إذا كان ذلك سيؤدي الى حل مشاكل الناس أم لا.
ويقول المراقبون ان قضايا كثيرة ستترتب على إستقالة عبد المهدي، لاسيما على مستوى العمل برئاسة الجمهورية فإن من الصعب الإعتماد على النائبين المتبقيين وهما طارق الهاشمي وخضير الخزاعي، وفي حال تم البحث عن نائب ثالث فإن الشيعة لم يعودوا متحمسين له إنطلاقاً من عدم رضى المرجعية، وفي هذه الحالة فإن أي إختيار لشخصية أخرى من التركمان مثلا ستواجه مشاكل لاحصر لها من قبيل من أي طائفة هذه الشخصية فإذا كانت شيعية فلابد أن تكون من التحالف الوطني وينطبق عليها ما ينطبق على القادة الشيعة. وفي حال كونها سنية فإن الشيعة سيعترضون من منطلق أن الأكثرية في مؤسسة الرئاسة باتت للسنة.
أما داخل التحالف الوطني فإن ابرز القضايا هي: النقاط التي ستفيض بسبب التخلي عن منصب نائب الرئيس اذ سيكون من الصعب إعادة توزيعها في ظل معادلة صعبة ومعقدة معا. ويؤكد المراقبون ان استقالة عبد المهدي تطرح أسئلة كثيرة، لكن الأهم فيها هو إنه قد يكون انتقم من المالكي مرتين.. مرة أمام المرجعية الدينية ومرة داخل التحالف بحيث لاتوجد خيارات كثيرة لإعادة توزيع النقاط، والأهم أن هذه المسألة جاءت مع نهاية مهلة المائة يوم ومع الضغوط الأميركية بتحديد موقف حاسم من قبل الحكومة العراقية حيال الوجود الأميركي في العراق بعد نهاية هذا العام.
بغداد/ اور نيوز

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الرموز اللفظية و غير اللفظية

((عوسجت يمحمد شظل بيه )) للشاعر صادق الصافي

نظرية تحليل التأطير الاعلامي